تصدر جوردي سامبليولي، مدرب المنتخب الفرنسي، عناوين الأخبار مؤخرًا بتعليقات مثيرة للجدل حول أسلوب لعب اثنين من نجوم فريقه، عثمان ديمبيلي وكيليان مبابي. في مقابلة مع مجلة كرة القدم الفرنسية سو فوت، أجرى سامبليولي تشبيهًا بين سلوك ديمبيلي على أرض الملعب والسمات المرتبطة باضطراب طيف التوحد. وقال سامبليولي بصراحة: "ديمبيلي يلعب كشخص مصاب بالتوحد". "يبدأ المباراة بمفرده وينهيها بمفرده. إنه لا يعرف كيفية إشراك زملائه في الفريق، ولا يمنحهم الفرصة للتعبير عن أنفسهم. إنه يعرف فقط كيف يتألق من خلال الإجراءات الفردية. » ثم أشار المدرب إلى أن مبابي، زميل ديمبيلي في منتخب فرنسا، يُظهر أحيانًا ميولًا مماثلة. وأضاف سامبليولي: "مبابي لديه ذلك أيضًا".
وسرعان ما أثارت هذه التصريحات من المدرب المحترم الجدل والجدل، حيث شكك الكثيرون في صحة وحساسية المقارنة. في حين أن نية سامبلي ربما كانت تقديم تقييم صادق لعملية صنع القرار لدى لاعبيه وميولهم إلى الاستحواذ على الكرة، إلا أن استخدام مصطلح "التوحد" لوصف أساليب لعبهم أثار انتقادات عديدة. اضطراب طيف التوحد هو حالة عصبية معقدة تؤثر على التواصل الاجتماعي والتفاعل والأنماط السلوكية للفرد. من خلال المساواة المباشرة بين أسلوب لعب ديمبيلي وخصائص التوحد، خاطرت تعليقات سامبلولي بإدامة الصور النمطية الضارة والمبالغة في تبسيط الفروق الدقيقة في كرة القدم والتوحد.
تقول الدكتورة إميلي روبين، وهي طبيبة نفسية إكلينيكية متخصصة في مرض التوحد: "إنها مقارنة إشكالية للغاية". "على الرغم من أن سامبليولي ربما لاحظ أنماطًا سلوكية معينة لدى لاعبيه، إلا أن وصفهم بأنهم "متوحدون" ليس غير دقيق فحسب، بل يمكن أيضًا أن يكون مؤلمًا للغاية لمجتمع المصابين بالتوحد. » أكد الدكتور روبين أن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات طيف التوحد يظهرون مجموعة واسعة من السلوكيات والقدرات، وأن تعميم خصائصهم على لاعبي كرة القدم يضر بتعقيد الاضطراب. وأوضحت أن "التوحد ليس سمة متجانسة". "هذا اختلاف عصبي يؤثر على الناس بطرق مختلفة جدًا.
إن اختزالها في مقارنة بسيطة لأسلوب اللعب يبالغ في تبسيط تجارب الأشخاص المصابين بالتوحد. »كان رد الفعل على تعليقات سامبلولي سريعًا، حيث توجه العديد من مشجعي كرة القدم والمدافعين عن التوحد إلى وسائل التواصل الاجتماعي لإدانة تصريحات المدرب. ودعا البعض إلى اعتذار رسمي، بينما طالب آخرون بأن يخضع سامبلي لتدريب على الحساسية لفهم الفروق الدقيقة في مرض التوحد وتأثير تعليقاته بشكل أفضل.
انتهت رحلة المنتخب الفرنسي في بطولة أوروبا 2024 بطريقة مفجعة في نصف النهائي، حيث خسر بصعوبة أمام إسبانيا بنتيجة 2-1. لقد كانت مباراة صعبة شهدت بذل الفريق الفرنسي قصارى جهده، لكنه فشل في النهاية في تأمين مكان في النهائي. وعلى الرغم من أن الخسارة كانت بمثابة خيبة أمل للفريق وجماهيره المتحمسين، إلا أنه لا تزال هناك العديد من الإيجابيات التي يمكن استخلاصها من أدائهم العام في البطولة. على الرغم من عدم هز الشباك بنفسه، استمر عثمان ديمبيلي في كونه قوة ديناميكية ومبدعة داخل الهجوم الفرنسي، مما يدل على قدراته الفنية الاستثنائية. وتمكن زميله كيليان مبابي من تسجيل هدف حاسم خلال مشوار الفريق إلى الدور نصف النهائي.
ورغم أن الفرنسيين اقتربوا من الوصول إلى النهائي، إلا أن أدائهم في بطولة أمم أوروبا 2024 أظهر الموهبة والإمكانات الهائلة التي يتمتع بها الفريق. ومع وجود مزيج من اللاعبين المخضرمين والنجوم الصاعدة الشابة، هناك شعور ملموس بالتفاؤل بشأن مستقبل المنتخب الفرنسي. لا شك أن ديدييه ديشان، المدرب الفرنسي صاحب الخبرة، سيكون فخوراً بالطريقة التي تنافس بها فريقه طوال البطولة. لقد أظهروا مستوى من الشجاعة والتصميم الذي أصبح مرادفاً للمنتخب الفرنسي في السنوات الأخيرة. من الانتصارات في دور المجموعات على ألمانيا وهولندا إلى الفوز الدرامي في دور الثمانية على البرتغال، ترك الفرنسيون كل شيء على أرض الملعب بحثاً عن المجد.
إن وحدة الفريق التي لا تتزعزع والصداقة الحميمة هي جوهر نجاحهم. لقد غرس ديشان شعوراً قوياً بالفخر والوحدة داخل الفريق، وهو ما ينعكس في الطريقة التي يدعمون بها ويشجعون بعضهم البعض، حتى في مواجهة الشدائد. وكانت هذه الروح الجماعية والإيمان عاملا أساسيا في قدرة الفريق على التغلب على التحديات والوصول إلى الدور نصف النهائي. لا شك أن الهزيمة أمام أسبانيا في الدور نصف النهائي سوف تكون مؤلمة، لأن الفرنسيين كانوا يهدفون إلى إحراز لقب بطولة أوروبا للمرة الثانية. وكانت المباراة متوترة للغاية، حيث أظهر الفريقان فطنتهما التكتيكية وبراعتهما الفنية. في النهاية، كانت مرونة وخبرة الفريق الإسباني هي التي صنعت الفارق، وتمكن من الحفاظ على تقدمه الضئيل في المراحل النهائية.
بالنسبة للاعبين الفرنسيين، ستكون هذه الهزيمة بلا شك حافزًا للعودة أقوى وأكثر تصميمًا من أي وقت مضى. سيكون اللاعبون مثل مبابي وديمبيلي وثنائي خط الوسط الموهوب بول بوجبا ونجولو كانتي حريصين على استخدام هذه التجربة كنقطة انطلاق لتحقيق النجاح في المستقبل. ومع تحول الاهتمام الآن إلى البطولة الكبرى المقبلة، سيكون الفريق الفرنسي بلا شك حريصًا على استخدام هذه التجربة كحافز للعودة بشكل أقوى ومواجهة تحدي أكبر للحصول على الألقاب المستقبلية. ويظل المستقبل مشرقاً لهذا الفريق الموهوب، ومن المؤكد أن مشجعيه المخلصين سوف يتطلعون إلى فرصتهم التالية لتشجيعهم على تحقيق النجاح.